لقاء مع عزمي بشارة بشأن تطوّرات الحرب: الإسرائيليّون يدركون أنهم عاجزون عن البقاء في غزة

د. عزمي بشارة: الإسرائيليون يدركون أنهم عاجزون عن البقاء في غزة || "إما أن هناك مخططا لتهجير سكان غزة من الشمال إلى الجنوب ومن هناك إلى سيناء، أو أن هذا انعكاس للارتباك الإسرائيلي وهذا أمر وارد جدا".

لقاء مع عزمي بشارة بشأن تطوّرات الحرب: الإسرائيليّون يدركون أنهم عاجزون عن البقاء في غزة

د. عزمي بشارة، خلال الحوار

أعرب مدير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، د. عزمي بشارة، خلال حوار أُجري معه عبر "التلفزيون العربي" مساء الأحد، بشأن تطوّرات الحرب على غزة التي بدأت قبل 37 يوما؛ عن ثقته بأن الإسرائيليين يدركون أنهم عاجزون عن البقاء في غزة، لافتا إلى أن إسرائيل لم تكن لديها أي خطة لـ"اليوم التالي" أي لما بعد القضاء على حركة "حماس" في حال نجحت في ذلك.

وتوقّع بشارة أن تواجه إسرائيل المزيد من المقاومة المسلحة في قطاع غزة، مرجّحا أن يكون أمام إسرائيل مهلة أميركية لا تتجاوز الشهر لـ"تنفيذ المهمة".

وفي ما يتعلّق بتبدّل الأولويات العسكرية الإسرائيلية من التركيز على شمال القطاع ثم الانتقال إلى الجنوب، أوضح بشارة أنه بعدما حصل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر كان المسؤولون الإسرائيليون مضطرين لوضع خطة عسكرية وراحوا يلائمون الوقائع لتتوافق مع الخطة التي وُضعت على عجل.

وأضاف أن "التركيز على الشمال سببه أنهم قرروا في البداية أن يباشروا الحرب في الشمال، ربما اليوم يكونون قد اكتشفوا أن قيادة حماس والأسرى هم في الجنوب لا في الشمال".

وأشار إلى أنه "إما أن هناك مخططا لتهجير سكان غزة من الشمال إلى الجنوب ومن هناك إلى سيناء، أو أن هذا انعكاس للارتباك الإسرائيلي وهذا أمر وارد جدا".

وشدّد بشارة على أن الأميركيين لا يزالون يشتركون مع إسرائيل في أهدافها من الحرب، متوقفا عند بعض الملاحظات الإيجابية حول القمة العربية - الإسلامية ومقرراتها، مقارنة مع مستوى التوقعات المتدني، الذي سبق قمة الرياض، يوم السبت الماضي.

وقال إن "القمة العربيّة الإسلاميّة أفرزت قرارا عمليًّا واحدا، هو كسر الحصار المفروض على قطاع غزة"، وذكر أنه "يجب إدخال قوافل الإغاثة والمساعدات إلى قطاع غزة، دون ارتهان للخطّة العسكريّة الإسرائيلية".

ووصف بشارة مخرجات القمة العربية -الإسلامية المشتركة، بأن بعضها مقبول قياسا على مستوى التوقعات المتدني ومقارنة مع الواقع العربي الضعيف وكم الخلافات الموجودة بين مسؤولي الدول المجتمعين.

ووفقه، فقد ترجمت المقررات عودة قضية فلسطين إلى مركز الاهتمام، مع توقفه عند تكرار القرارات التي تنتقد علاقات التطبيع مع إسرائيل بمعزل عن القضية الفلسطينية والحلّ العادل لها. وعن هذا الموضوع، قال بشارة إن هناك قرارا واحد عمليا وهو الوقوف مع مصر لكي تكسر الحصار الذي يتمثل بأن يكون فتح المعبر وإغلاقه على الأقل للمساعدات والإغاثة، رهن موافقة إسرائيل، "وبالتالي الآن يجب أن يفكروا بكيفية ترجمة ذلك القرار الذي اتخذوه".

وذكر بشارة خلال الحوار أن "إسرائيل لم تواجه بعد كلّ ما جهّزته المقاومة في قطاع غزة"، مشيرا إلى أن "هناك آلاف الشباب ينتظرون لحظة المعركة البرية".

وبعدما ذكّر بمدى صعوبة إنجاز "حماس" ما أنجزته بالفعل وهي قابعة تحت الحصار الشامل، قال إن "لا خيارات أمامهم (مقاتلو حماس) سوى المقاومة".

وأشار إلى أنه "من الواضح أن ملفّ الأسرى الإسرائيليين في غزة، لا يمثّل أولويّة بالنسبة لـ(رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين) نتنياهو"، الذي شدّد بشارة على أن الأمر بالنسبة إليه، "عسكري بحت وربما في عقله الباطني يتمنى التخلص من الأسرى في قطاع غزة"، ومن الضغط الذي يتسببون به وما سيقولونه بعدما يخرجوا إن حصل ذلك بموجب اتفاق.

وعلى حدّ تعبير بشارة، إحدى الأزمات في المفاوضات تتعلق بعدد الأسرى الذي يطالبون بالإفراج عنهم، وهنا تطرأ مشكلة أن الإسرائيليين يفترضون أعدادا أكبر من الأسرى مما هو موجود لدى حركتي "حماس" أو "الجهاد الإسلامي".

ولفت بشارة إلى أن "التواطؤ الدولي مع استهداف إسرائيل للمستشفيات غير مسبوق"، ورأى أن "إسرائيل تبحث عن شريك عربي يقبل إدارة شؤون السكان في قطاع غزة بعد تخفيف عددهم"، وأن يرسي لهم نظام تنسيق أمني على غرار ما هو حاصل في الضفة بشكل فاشل.

وأوضح أن هذا سيناريو من ضمن ما لا يراعيه، ردة فعل الناس التي خسرت كل شيء، "ثم يجدر عدم نسيان أن إسرائيل لم تكن يوما جاهزة لدفع ثمن الاحتلال مادياً كنفقات واستثمارات، لذلك ستطلب من بلدان عربية لاستثمار أموال لإعادة إعمار غزة، مثلما سبق أن طلبت في الماضي".

وفي حين أشار إلى أن القيادات الفلسطينية أضاعت فرصا متكررة للوحدة، وأنه لا يمكن حكم الضفة أو غزة من دون وحدة فلسطينية، رأى بشارة أن الإسرائيليين يدركون أنه لا يمكنهم البقاء في غزة "مع ضرورة التذكر أن من انسحب من غزة شخص حربي بمستوى (رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق) أرييل شارون".

وذكر مدير "المركز العربي"، أنه "مثلما لم تكن لدى القيادة الإسرائيلية خطة لاحتلال غزة، فلم تكن لديها خطة لاليوم التالي، أي لما بعد انتهاء الحرب والقضاء على حركة حماس بحكمها وقوتها العسكرية".

كما قلّل من أهمية الكلام الأميركي عن ضرورة عقد مؤتمر سلام جديد، ذلك أن العالم العربي مرّ "بهكذا سيناريو بعد احتلال الكويت ومؤتمر مدريد وما تلاه من مؤتمرات فاشلة تحت عنوان الدولتين والتفاوض الطويل، كذلك فإن الأميركيين يعرفون أن إسرائيل ترفض تقديم أي شيء للعرب وخصوصا اليوم" بعد فشلهم في إنقاذ مستشفى وإدخال مساعدات إلى قطاع غزة.

وفي ما يتعلّق باستهداف الجيش الإسرائيليّ للمستشفيات، قال بشارة إن استهداف الاحتلال لها بهذا الشكل الممنهج، يعود بشكل أساسي إلى قناعة إسرائيلية بأنه يستحيل تهجير شعب من دون هدم مستشفياته ومدارسه بوصفها ملاذات آمنة.

وأكّد أن "الولايات المتحدة، لا تزال تشارك إسرائيل أهدافها في الحرب على غزة"، مشددا على أن "الدعم العسكري الأميركي لا يزال غير مشروط".

وفي هذا الصدد، وافق بشارة على أن الإدارة الأميركية باتت تواجه مشاكل داخلية وارتفاعا في الأصوات الرافضة للموقف الرسمي داخل التيار اليساري للحزب الديمقراطي وفي أوساط يهود أميركا "وهذا أمر مهم" بتقدير الدكتور بشارة الذي يفترض أن هؤلاء أثروا بالفعل على الإدارة في الخطاب العلني، وأصبح نتنياهو مضطرا للرد على استفسارات أميركية عن حدود الحرب والخطط المستقبلية. لكن بتقدير بشارة، الضغط الأميركي الرسمي لا يزال غير حقيقي ويتعلق بـ"إسداء النصح" وهذا ليس ضغطا يتحقق "عندما يطرأ موقف عربي مؤثر على أميركا فعلا، يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل وبالتنسيق الأمني وغيرها، وهذا لم يحصل بعد".

وذكر أن "إسرائيل تستغلّ حالة الحرب لتصفية حسابات مع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية".

وكان بشارة قد أشار خلال لقاء أُجري معه في الرابع من الشهر الجاري إلى أن الشروط الثلاثة لتوقف إسرائيل عدوانها تختصر بأن يُضرب الإجماع الإسرائيلي حول الحرب، وبأن يختل الاتفاق الأميركي – الإسرائيلي على هدف العدوان أي القضاء على حركة "حماس"، وأن تتخذ البلدان العربية الرئيسية خطوات حقيقية من نوع التهديد الجدي بقطع العلاقات مع إسرائيل. ورأى أن مصلحة الجميع على مستوى دول وقوى في المنطقة تكمن في ألا تحقق إسرائيل أهدافها من الحرب على غزة.

وبشأن حزب الله، قال بشارة في اللقاء السابق، إن أي دخول له في الحرب لن يغير الأوضاع في غزة، بل من أجله زيادة الثمن الذي تدفعه إسرائيل.

وأشار مدير عام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إلى إنه طالما أن هناك إجماعا إسرائيليا على استعادة التوازن والهيبة والانتقام بواسطة الحرب، وطالما أن الاتفاق الأميركي ــ الإسرائيلي متواصل على هدف الحرب، وطالما أن لا خطوات حقيقية من الدول العربية، فإن حرب الإبادة على القطاع مستمرة.

التعليقات